فصل: سنة خمس عشرة وستمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة خمس عشرة وستمائة:

فيها نازلت الفرنج دمياط فجهز العادل جيشًا نجدة لولده الكامل.
وفيها كسر الملك الأشرف موسى ملك الروم كيكاوس ثم أخذ عسكره وعسكر حلب ودخل بلاد الفرنج ليشغلهم بأنفسهم عن دمياط.
فأقبل صاحب الروم إلى أعمال حلب وأخذ رعبان وتل باشر فقصده الملك الأشرف وقدم بين يديه العرب فكسبوا الروم وهزموهم.
وأخذت الفرنج برج السلسلة من دمياط وكان قفل ديار مصر.
وهو في وسط النيل فكان يمد منه سلسلة على وجه النيل إلى دمياط وأخرى إلى برج آخر فلا تمكن المراكب أن تعبر من البحر في النيل.
وفيها التقى الملك المعظم الفرنج فكسرهم.
وقتل خلق وأسر مائة فارس ولكنه نمقت إلى الناس بإدارة المكوس والحانات بدمشق واعتذر لما عنفوه بقلة المال.
ثم سار وخرب بانياس وتبنين.
وقد كانت قفلًا للشام.
وزعم أنه خربها خوفًا من استيلاء الفرنج.
وكذلك كان قد أنشأ قلعة منيعة على الطور من أعوام فأخربها وعجز عن حفظ ذلك لاحتياجه إلى المال والرجال.
ثم سار الكامل والتقى الفرنج فهزمهم ببر دمياط.
وفيها توفي صاحب مصر والشام العادل وصاحب الروم وصاحب الموصل.
وفيها جاءت رسل جنكزخان ملك التتار محمود الخوارزمي وعلي البخاري بتقدمة مستطرفة إلى خوارزم شاه ويطلب منه المسالمة والهدنة.
فاستمال خوارزم شاه محمودًا الخوارزمي وقال: أنت منا وإلينا.
وأعطاه معضدة جوهر وقرر معه أن يكون عينًا للمسلمين.
ثم قال له:
أصدقني أيملك جنكزخان طمغاج الصين قال: نعم فما ترى قال: الهدنة.
فأجاب وسر جنكزخان بإجابته.
واستقر الحال إلى أن جاء من بلاده تجار إلى ماوراء النهر وعليها خال خوارزم شاه.
فقبض عليهم وأخذ أموالهم شرهًا منه.
ثم كاتب خوارزمشاه يقول: إنهم تتار في زي التجار.
وقصدهم يجسوا البلاد.
ثم جاءت رسل جنكزخان إلى خوارزم شاه يقول: إن كان مافعله خالك بأمره فسلمه إلينا وإن كان بأمرك فالغدر قبيح وستشاهد ما تعرفني به.
فندم خوارزم شاه وتجلد.
وأمر بالرسل فقتلوا ليقضي الله أمرًا كان مفعولا.
فيالها حركة عظيمة الشؤم أجرت كل قطرة بحرًا من الدماء.
وفيها توفي محدث بغداد أبو العباس البندنيجي أحمد بن أحمد بن كرم الحافظ المعدل ولد سنة إحدى وأربعين وسمع من أبي بكر بن الزاغوني وأبي الوقت فمن بعدهما.
وعني بالحديث وفنونه.
وكان من أطيب الناس قراءة للحديث.
وهو الذي أظهر إجازة الناصر لدين الله من أبي الحسين عبد الحق وطبقته.
ولكنه كان ضعيفًا لأمور.
توفي في رمضان.
والشمس العطار أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد السلمي البغدادي الصيدلاني نزيل دمشق.
ولد سنة ست وأربعين وسمع الناس منه صحيح البخاري غير مرة.
وكان ثقة توفي في شعبان.
وصاحب الموصل السلطان الملك القاهر عز الدين أبو الفتح مسعود ابن السلطان نور الدين آرسلان شاه بن مسعود الأتابكي.
ولد سنة تسعين وخمس مائة وتملك بعد أبيه وله سبع عشرة سنة.
وكان موصوفًا بالملاحة والعدل والسماحة.
قيل إنه سم.
ومات في ربيع ىلآخر وله خمس وعشرون سنة.
وعظم على الرعية فقده.
وولي بعده بعهد منه ولده نور الدين إرسلان شاه.
ويسمى أيضًا عليًا وله عشر سنين.
فمات في أواخر السنة أيضًا.
وزينب الشعرية الحرة أم المؤيد بنت أبي القاسم عبد الرحمان بن الحسن بن أحمد بن سهل الجرجاني ثم النيسابوري الشعري الصوفي.
ولدت سنة أربع وعشرين وسمعت من ابن الفراوي عبد الله لا من أبيه ومن زاهر الشحامي وعبد المنعم بن القشيري وطائفة.
توفيت في جمادى الآخرة وانقطع بموتها إسناد عال.
وأبو القاسم بن الدامغاني قاضي القضاة عبد الله بن الحسين بن أحمد ابن علي ابن قاضي القضاة ابي عبد الله الدامغاني الفقيه العلامة عماد الدين.
سمع من تجني الوهبانية وولي القضاء بالعراق سنة ثلاث وست مائة إلى أن عزل سنة إحدى عشرة توفي في ذي القعدة.
والقاضي شرف الدين بن الزكي القرشي أبوطالب عبد الله بن زيد القضاة عبد الرحمان بن سلطان بن يحيى بن علي الدمشقي الشافعي.
ناب في الحكم عن ابن عمه القاضي محيي الدين ثم عن ابنه زكي الدين الطاهر.
ودرس بالشامية الكبيرة وهوأول من درس بالرواحية توفي في شعبان.
وصاحب الروم الملك الغالب عز الدين كيكاوس بن كيخسرو بن قلج أرسلان السلجوقي سلطان قونية وأقصرا وملطية وأخو السلطان علاء الدين كيقباذ.
كان ظلومًا غشومًا سفاكًا للدماء.
قيل: إنه مات فجأة مخمورًا فأخرجوا أخاه علاء الدين وملكوه بعده.
وذلك في شوال.
وأبو الفتوح البكري فخر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عمروك القرشي التيمي النيسابوري الصوفي.
ولد سنة ثمان عشرة وخمس مائة ولو سمع في صغره لصار مسند عصره.
وقد سمع من أبي الأسعد القشيري وغيره وبالاسكندرية مع ابنه محمد من السلفي.
وحدث بأماكن.
توفي في جمادى الآخرة.
والركن العميدي صاحب الجست أبو حامد محمد بن محمد بن السمرقندي الحنفي.
أخذ عن الرضي النيسابوري وبرع في الخلاف الجدل وصنف الطريقة المشهورة وكتاب شرح الإرشاد توفي في جمادى الآخرة ببخارى.
والسلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر محمد بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي.
ولد ببعلبك حال ولاية أبيه عليها ونشأ في خدمة نور الدين مع أبيه.
وكان أخوه صلاح الدين يستشيره ويعتمد على رأيه وعقله ودهائه.
ولم يكن أحد يتقدم عليه عنده.
ثم تنقلت به الأحوال واستولى على الممالك وسلطن ابنه الكامل على الديار المصرية وابنه المعظم على الشام وابنه الأشرف على الجزيرة وابنه الأوحد على على خلاط وابن ابنه المسعود على اليمن وكان ملكًا جليلًا سعيدًا طويل العمر عميق الفكر بعيد الغور جماعًا للمال ذا حلم وسؤدد.
وبر كثير وكان يضرب به المثل بكثرة أكله وله نصيب من صوم وصلاة.
ولم يكن محببًا إلى الرعية لمجيئه بعد الدولتين النورية والصلاحية.
وقد حدث عن السلفي وخلف سبعة عشر ابنًا تسلطن منهم الكامل والمعظم والأشرف والصالح وشهاب الدين غازي صاحب ميافارقين.
وتوفي في سابع جمادى الآخرة وله بضع وسبعون سنة.

.سنة ست عشرة وست مائة:

فيها تحركت التتار.
فخارت قوى السلطان خوارزم شاه وتقهقر بين أيديهم ببلاد ما وراء النهر وانجفل الناس بخوارزم وأمرت أمه بقتل من كان محبوسًا من الملوك بخوارزم وكانوا يضعة عشر نفسًا.
ثم سارت بالخزائن إلى قلعة ايلال بمازندران ووصل خوارزم شاه إلى همذان في نحو عشرين ألفًا وتقوضت أيامه.
وفي أول العام خرب الملك المعظم سور بيت المقدس عجزًا وخوفًا من الفرنج أن تملكه فتشتت أهله وتعثروا وكان هو مع أخيه الكامل في كشف الفرنج عن دمياط وتم لهم وللمسلمين حروب وقتال كثير وجرت أمور يطول شرحها.
وجدت الفرنج في محاصرة دمياط وعملوا عليهم خندقًا كبيرًا وثبت أهل البلد ثباتًا لم يسمع بمثله وكثر فيهم القتل والجراح والموت وعدمت الأقوات ثم سلموها بالأمانفس شعبان وطار عقل الفرنج وتسارعوا إليها من كل فج عميق وشرعوا في تحصينها وأصبحت دار هجرتهم وترجوا بها أخذ ديار مصرية.
وأشرف الإسلام على خطة خسف اقبلت التتار من المشرق والفرنج من المغرب.
وعزم لمصريون على الجلاء فثبتهم الكامل إلى أن سار إليه أخوه الأشرف كما يأتي.
وفيها توفي أحمد بن سليمان بن الأصفر أبو العباس الخريبي روى عن أحمد بن علي بن الأشقر وابن الطلابة.
توفي في ذي الحج.
وأحمد بن محمد بن سيدهم أبو الفضل الأنصاري الدمشقي الجابي المعروف بابن الهراس.
سمع من نصر الله المصيصي وغيره.
توفي في شعبان.
وابن ملاعب زين الدين أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت بن ملاعب الأزجي وكيل القضاة.
روى عن الأرموي وابن ناصر وطائفة.
وبعض سماعاته في الخامسة.
توفي في جمادى الآخرة بدمشق.
وريحان بن تيكان بن موسك الحربي الضرير.
مات في صفر وله بضع وتسعون سنة.
روى عن أحمد بن الطلاية والمبارك بن أحمد الكندي.
وست الشام الخاتون أخت الملك العادل.
توفيت في ذي القعدة ودفنت بتربتها التي بمدرستها الشامية.
رحمها الله تعالى.
وأبو منصور بن الرزاز سعيد بن محمد ابن العلامة المفتي سعيد بن محمد ابن عمر البغدادي.
روى البخاري عن أبي الوقت وحضر ابا الفضل الأرموي.
وأبو البقاء العلامة محب الدين عبد الله بن الحسين بن أبي البقاء العكبري ثم الأزجي الضرير الحنبلي النحوي الفرضي.
صاحب التصانيف.
قرأ القراءات على ابن عساكر البطائحي وتأدب على ابن الخشاب وتفقه على أبي يعلى الصغير وروى عن ابن الطي وطائفة.
وحاز قصب السبق في العربية وتخرج به خلق.
ذهب بصره في صغره بالجدري.
وكان دينًا ثقة.
توفي في ربيع الآخر.
وابن شاش العلامة جلال الدين أبو محمد عبد الله بن نجم بن شاش بن نزار الجذامي السعدي المصري شيخ المالكية وصاحب كتاب الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة.
كان من كبار الأئمة العاملين.
حج في آخر عمره ورجع فامتنع من الفتيا إلى أن مات مجاهدًا في سبيل الله في حدود رجب.
وعبد الرحمان بن محمد بن علي بن يعيش الصدر أبو الفرج الأنباري أخو أبي الحسن علي.
روى عن عبد الوهاب الأنماطي وغيره.
وعمر تسعين سنة.
توفي في شعبان.
وعبد العزيز بن أحمد بن مسعود ابن الناقد أبو محمد البغدادي المقرئ الصالح.
قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزوري وغيره وسمع من أبي سعد البغدادي والأرموي.
توفي في شوال.
والافتخار الهاشمي أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل العباسي البلخي ثم الحلبي الحنفي.
إمام المذهب بحلب.
سمع بما وراء النهر من القاضي عمر بن علي المحمودي وأبي شجاع البسطامي وجماعة.
وبرع في المذهب وناظر وصنف وشرح الجامع الكبير وتخرج به الأصحاب وعاش ثمانين سنة توفي في جمادى الآخرة.
وعلي بن القاسم ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر عماد الدين أبو القاسم ولد سنة إحدى وثمانين وسمع من أبيه وعبد الرحمان بن الخرقي وإسماعيل الجنزوري.
ورحل إلى خراسان فكان آخر من رحل إليها من المحدثين.
وأكثر عن المؤيد الطوسي ونحوه.
وكان صدوقًا ذكيًا فهمًا حافظًا مجدًا في الطلب إلا أنه كان تشيع.
وقد خرجت عليه الحرامية في قفوله من خراسان فجرحوه.
وأدركه الموت ببغداد في جمادى الأولى.
وصاحب سنجار الملك المنصور قطب الدين محمد بن عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي بن آقسنقر.
تملك سنجار مدة.
حاصره الملك العادل ايامًا ثم رحل عنه بأمر الخليفة.
توفي في صفر.
وتملك بعده ولده عماد الدين شاهنشاه أشهرًا ومات قبله أخوه عمر وتملك بعده مديدة ثم سلم سنجار إلى الأشرف ثم مات.

.سنة سبع عشرة وست مائة:

فيها قصد الموصل الملك مظفر الدين صاحب إربل.
فالتقاه بدر الدين لولو وكسره.
وأفلت ونازل مظفر الدين الموصل.
فنجدها الأشرف ثم وقع الصلح.
وفي رجب وقعة البرلس بين الكامل والفرنج وكانت فتحًا عزيزًا.
قتل من الملاعين عشرة آلاف وانهوموا إلى دمياط.
وفيها حج بالعراقيين أقباش مملوك الخليفة.
وكان من أحسن أهل زمانه.
استراه الناصر بخمسة آلاف دينار.
وكان معه تقليد بمكة لحسن بن قتادة لموت أبيه في وسط العام.
فجاءه بعرفات راجح فقال: أنا أكبر ولد قتادة فولني.
فتوهم حسن أنه معزول.
فأغلق مكة فركب أقباش ليسكن الفتنة وقال: ما قصدي قتال.
فثار به أولئك العبيد الأشرار وحملوا.
فانهزم أصحابه.
فتقدم عبد فعرقب فرسه.
فوقع فذبحوه وعلقوا رأسه.
وأرادوا نهب العراقيين.
فقام في القضية أمير الشاميين المعتمد والي دمشق ورد معه ركب العراق.
وأما التتار فإنهم أخذوا في آخر عام ستة عشر بخارىوقتلوا وما أبقوا.
ثم عبروا نهر جيحون واستولوا على خراسان قتلًا وسببًا وتخريبًا وإبادة إلى حدود العراق بعد أن هزموا جيوش خوارزم شاه ومزقوهم.
ثم عطفوا إلى قزوين فاستباحوها وحاصروا تبريز وبها ابن البهلوان.
فبذل لهم أموالًا وتحفًا.
فرحلوا عنه ليشنوا على الساحل.
فوصلوا إلى موغان وحاربوا الكرج وهزموهم في ذي القعدة من سنة سبع عشرة.
ثم ساروا إلى مراغة وأخذوها بالسيف ثم كروا نحو إربل فاجتمع لحربهم عسكر العراق والموصل مع صاحب إربل فهابوهم وعرجوا إلى همذان فحاربهم أهلها أشد محاربة في العام المقبل وأخذوها بالسيف وأحرقوها ثم نزلوا على بيلقان وأخذوها بالسيف وقتلوا بلا استثناء.
ثم حاربوا الكرج أيضًا وقتلوا منهم نحو ثلاثين ألفًا ثم سلكوا طرقًا وعرة في جبال دربند شروان وانبثوا من تلك الأراضي وبها اللان واللكز وطوائف من الترك وفيهم قليل مسلمون.
فتجمعوا والتقوا.
فكانت الدبرة على اللان.
ثم بيتوا القفجاق فملكوها وأقاموا هناك إلى سنة عشرين وست مائة.
ولما تمكن الطاغية جنكزخان وعتا وتمرد وأباد وأذل العرب والعجم قسم عساكره وجهز كل فرقة إلى ناحية من الأرض ثم عادت إليه أكثر عساكره إلى سمرقند.
فلا يقال كم أباد هؤلاء من بلد وإنما يقال كم بقي.
وكان خوارزم شاه محمد بطلًا مقدامًا هجامًا وعسكره أو شابًا ليس لهم ديوان ولا إقطاع بل يعيشون من النهب والغارات.
وهم تركي كافر أو مسلم جاهل لم يعرفوا تعبئة العسكر في المصاف ولم يدمنوا إلا على المهاجمة ولا لهم زرديات ولا عدد جند.
ثم إنه كان يقتل بعض القبيلة ويستخدم باقيها ولم يكن فيه سيء منالمداراة ولا التؤدة لالجنده ولالعدوه.
وتحرش بالتتار وهم يغضبون على من يرضيهم فكيف بمن يغضبهم ويؤذيهم.
فخرجوا عليهوهم بنوا أب وأولوا كلمة مجتمعة وقلب واحد ورئيس مطاع فلم يمكن أن يقف مثل خوارزم شاه بين أيديهم.
ولكل أجل كتاب.
فطووا الأرض وكلت أسلحتهم وتكلكلت أيديهم مما بسطنا أخبارهم وشرحنا ما تم للإسلام وأهله في التاريخ الكبير.
فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفيها توفي زكي الدين الطاهر قاضي القضاة ولد قاضي القضاةمحيي الدين محمد ابن قاضي القضاة زكي الدين علي ابن قاضي القضاة المنتجب محمد بن يحيى اقرشي الدمشقي.
ولي قبل ابن الحرستاني ثم بعده.
وكان ذا هيبة وحشمة وسطوة.
وكان الملك المعظم يكرهه.
فاتفق أن زكي الدين طالب جابي العزيزية بالحساب.
فأساء الأدب عليه.
فأمر بضربه بين يديه.
فوجد المعظم سبيلًا إلى أذيته وبعث إليه بخلعة أمير قباء وكلوته وألزمه بلبسها في مجلس حكمه.
ففعل.
ثم قام فدخل ولزم بيته ومات كمدًا.
يقال إنه رمى قطعًا من كبده.
ومات في صفر كهلًا وندم المعظم.
والشيخ عبدالله اليونيني وهو ابن عثمان بن جعفر الزاهد الكبير أسد الشام.
وكان شيخًا مهيبًا طوالًا حاد الحال تام الشجاعة أمارًا بالمعروف نهاء عن المنكر كثير الجهاد دائم الذكر عظيم الشأن منقطع القرين صاحب مجاهدات وكرامات كان الأمجد صاحب بعلبك يزوره.
وكان يهينه ويقول: يا مجيد أنت تظلم وتفعل.
وهو يعتذر إليه.
وقيل كان قوسه ثمانين رطلًا.
وما كان يبالي بالرجال قلوا أو كثروا وكان ينشد هذه الأبيات ويبكي: شفيعي إليكم طول شواقي إليكم وكل كريم للشفيع قبول وعذري إليكم أنني في هواكم أسير ومأسور الغرام ذليل فإن تقبلوا عذري فأهلًا ومرحبا وإن لم تجيبوا فالمحب حمول سأصبر لا عنكم ولكن عليكم عسى لي إلى ذاك الجناب وصول وأبو المظفر ابن السمعاني فخر الدين عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد عبد الكريم ابن الحافظ أبي بكر محمد ابن الإمام أبي المظفر منصور بن محمد التميمي المروزي الشافعي الفقيه المحدث مسند خراسان.
ولد سنة سبع وثلاثين وخمس مائة وروى كتبًا كبارًا صحيح البخاري ومسند الحافظ أبي عوانة وسنن أبي داود وجامع أبي عيسى وتاريخ الفسوي ومسند الهيثم بن كليب.
سمع من وجيه الشحامي وأبي تمام أحمد بن محمد بن المختار وأبي سعد الأسعد القشيري وخلق.
رحله أبوه إليهم بمرو ونيسابور وهراة وبخاري وسمرقند.
ثم خرج له أبوه معجمًا في ثمانية عشر جزءًا.
وكان مفتيًا عارفًا بالمذهب.
عدم في دخول التتار بمرو في آخر العام.
وقتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى العلوي الحسني صاحب مكة أبو عزيز.
وعاش أكثر من ثمانين سنة.
وخوارزم شاه محمد بن تكش السلطان الكبير علاء الدين.
كان ملكًا جليلًا أصيلًا عالي الهمة واسع الممالك كثير الحروب ذا ظلم وجبروت وغور ودهاء.
تسلطن بعد والده علاء الدين تكش فدانت له الملوك وذلت له الأمم وأباد أمة الخطا واستولى على بلادهم إلى أن قهر بخروجالتتار الطمغاجية عسكر جنكزخان.
واندفع قدامهم وأتاه أمر الله من حيث لم يحتسب فما وصل إلى الري إلا وطلائعهم على رأسه.
فانهزم إلى برجين وقد مسه النصب فأدركوه وما تركوه يبلع ريقه فتحامل إلى همذان ثم إلى مازندران وقعقعة سلاحهم قد ملأت مسامعه.
فنزل ببحيرة هناك ثم مرض بالإسهال وطلب الدواء فأعوزه الخبر ومات.
فقيل إنه حمل في البحر إلى دهستان.
وأما ابنه جلال الدين فتقاذفت به البلاد ثم رمته الهند إلىكرمان.
وقيل بلغ عدد جيشه ثلاث مائة ألف وقيل أكثر من ذلك.
وصدر الدين شيخ الشيوخ أبو الحسن محمد ابن شيخ الشيوخ عماد الدين عمر بن علي الجويني.
برع في مذهب الشافعي وسمع من يحيى الثقفي ودرس وافتى وزوجه شيخه القطب النيسابوري بابنته فأولدها الإخوة الأمراء الأربعة.
ثم ولي بمصر تدريس الشافعي ومشهد الحسين.
وبعثه الكامل رسولًا يستنجد بالخليفة وجيشه على الفرنج.
فأدركه الموت بالموصل.
أجاز له أبو الوقت وجماعة.
وكان كبير القدر وصاحب حماة الملك المنصور محمد بن المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب.
سمع من أبي الطاهر بن عوف وجمع تاريخًا على السنين في مجلدات.
وقد تملك حماة بعده ولده الناصر قلج أرسلان فأخذها منه الكامل وسجنه ثم أعطاه لأخيه الملك المظفر.
والمؤيد بن محمد بن علي بن حسن رضي الدين أبو الحسن الطوسي المقرئ مسند خراسان.
ولد سنة أربع وعشرين وسمع صحيح مسلم من الفراوي وصحيح البخاري من جماعة وعدة كتب وأجزاء.
وانتهى إليه علو الإسناد بنيسابور ورحل إليه من الأقطار.
توفي ليلة الجمعة العشرين من شوال رحمه الله.
وناصر بن مهدي الوزير نصير الدين العجمي.
قدم من مازندران سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة فوزر للخليفة الناصر سنتين ثم قبض عليه سنة أربع وست مائة.
وعاش إلى هذا الوقت.
توفي في جمادى الأولى.